ومتى يُمْهِلُنا الجَلاَّدُ والسَّوطُ المُدَمَّى?
فنموتْ
بين أيدٍ حانياتٍ,
في سكوتٍ, في سكوتْ
ومتى يَخْجَلُ مصباحُ الخفيرْ
من مخازي العارِ
والدمعِ المدوِّي من سريرٍ لسريرْ?
ومتى يُحْتَضَرُ الضوءُ المقيتْ
ويموتْ
عن بقايا خِرَقٍ شوهاءَ,
عنَّا, عن نُفاياتِ المقاهي والبيوتْ?
حُشِرَت في مِصْهَرِ الكبريتِ,
في مستَنْقعِ الحمَّى,
رَسَتْ في جَوفِ حوتْ
مُضْغَةً يجْترُّها الغازُ الجحيميُّ السعيرْ,
حشرجاتٍ تَتَعالى
سُحُبًا صفراءَ في وجه القديرْ
والضميرْ
ذلك الصوت المُرائي
كم يُرائي المستَجيرْ,
ذلك الجوُّ الجحيميُّ السعيرْ
في مداه لا غدٌ يُشرِقُ,
لا أمسٌ يفوت
غيرَ آنٍ ناءَ كالصَّخر على دنيا تموتْ
أتُراهُ كان لي دنيا سِواها,
كانَ لي يومٌ نضيرْ
وعرفتُ الحلمَ والإيمانَ والحبَّ القريرْ:
نَبْضُ قلبينِ, وَزنْدٌ لَيِّنٌ,
وصدًى يهمسُه دفءُ الحريرْ,
وَصليبٌ وَرِعٌ فوق السريرْ
وخيالٌ يتحدَّى
عَتْمَةَ المجهولِ والسرَّ الكبيرْ.
أتُراهُ كانَ لي يومٌ معافًى ونضيرْ
أم حكاياتُ ثلوجٍ مَدَّها
البُحْرانُ في وَهْجِ الهجيرْ?
كل ما أذكرُه أنِّي أسيرْ,
عُمْرُهُ ما كان عُمْرًا,
كان كهفًا في زواياهُ
تدبُّ العنكبوتْ
والخفافيشُ تطير ْ
في أسى الصمتِ المريرْ
وأنا في الكَهف محمومٌ ضريرْ
يتمطَّى الموتُ في أعضائِهِ,
عُضوًا فعُضوًا, ويموتْ
كلُّ ما أعْرفه أنِّي أموتْ
مُضغَةً تافهةً في جوف حوتْ