القصيده مشهوره و هي لابن زريق البغدادى:
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُــــــــــــــــــــهُ ** قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُـــــهُ
جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِــــــــــــهِ ** مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَـــــــــــــدَلاً ** مِن عَذلِهِ فَهُوَمُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُــــــــــــهُ ** فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُـهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَــــــــــــــهُ ** مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُـــــهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَــــــــــــــــــهُ ** رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُــــــهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحـــــــــــــــــــــلٍ ** مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُــــــــــهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنــــــــــــىً ** وَلَوإِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمـــــــــــــــــــه ** للرزق كداً وكم ممن يودعُـــــهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقَـــــــــــاً ** وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُـــــــــــــهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُــــــــــــــــمُ ** لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُــــهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَــــــــــــــــرى ** مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت ** بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُــــــــه ** إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُــــهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَـــــــــــــــــراً ** بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِــــــــــــــــــــــي ** صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُـــــــهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَــــــــــىً ** وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُــــــــهُ
لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَـــــــــــرقٌ ** عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُــــــــــــهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِــــــــــــــــــهِ ** بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُـهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَــــــــــــــــهُ ** وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِــــــــيم بِلا شَكرٍ** عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُـــــــــــــــه
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِـــــــــــهِ ** كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُــــــهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَــــــــــــــــهُ ** الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُــهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُــــــــــــــــــهُ ** لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُـــــهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُــــــــــــــــــــــها ** بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُــــــهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَـــــــــــــــــــهُ ** بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُــــــهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَــــــــــــــذا ** لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُـــــهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي بِـــــهِ ** وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُــــــــــــــهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَــــــــــــــدٍ ** عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُـــــهُ
قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقـــــاً ** فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُـــــهُ
بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَســــــــــت ** آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُــــــــهُ
هَل الزَمانُ مَعِيدُ فِيكَ لَذَّتُنـــــــــــــــــــــا ** أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُــــهُ
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَـــــــــــــهُ ** وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُـــهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُــــــــــــــــــهُ ** كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُـــــــهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكـــــــــــــــــــرَهُ وَإِذا ** جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَــدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ على دهر لا يُمَتِّعُنِـــــــــــــــي ** بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُـــــــــهُ
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجــــــــــاً ** فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُــهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنـــــــــا ** جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُــهُ
وَإِن تُنلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَـــــــــــــــــــــــهُ ** فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُـــــهُ ؟