حياته
لقد كبر حنين في القاهرة حيث كان والده يعمل صائغاً، وكانت التجربة الأولى والقوية الأثر التي عرفها في حداثة سنه عبارة عن زيارة إلى متحف الآثار المصرية حيث اقتيد إلى هناك وهو في الثامنة من العمر مع الأولاد الآخرين في صفه المدرسي، وحيث خامره أول شعور بالتنبؤ بأنه سيصير نحاتاً. هذه الزيارة حملت إليه بالفعل إلهاماً ذا كثافة استثنائية بحيث ما يزال أثره راسخاً في ذاكرته
بعد مرور بضعة أيام وضع الولد في جيبه قطعة من الطين الصلصالي كان قد التقطها في محترف المدرسة، ولدي عودته إلى البيت، شرع في إعداد صورة (بورتريه) لأخناتون ناسخاً صورة تمثال رآه في المتحف إضافة إلى أنها كانت موجودة أيضاً في كتابه المتعلق بالتاريخ. فقولبه ** ولونه ثم عرضه على أبيه الذي كان يعمل صائغاً في القاهرة القديمة وسر الأب بالعمل سروراً كبيراً. فوضعه في واجهة محله وراح يظهره للزائرين القادمين لتبادل الأحاديث. يقودنا هذا إلى مسألة البنوة أو النسب. إذ يبدو أن شعور الفتى آدم بوجود صلة نسب تربطه بملوك مصر القدماء ونحاتيهم، قد ساعد في تطوره اللاحق كفنان.
بعد انقضاء عشر سنوات، وعندما كان يرتاد مكتبة أكاديمية الفنون الجميلة في القاهرة، أتيحت له الفرصة للإطلاع على عدة مجلات فنية جعلته يكتشف أعمال كبار النحاتين الغربيين المعاصرين: قسطنطين برانكوزي، هنري مور، أرستيد مايول، شارل دبيو، مارينو ماريني، أرتورو مارتيني وآخرين. وبفضل هؤلاء الفنانين ألم بالجوهر النقي للنحت في لغته الحديثة التي تشكل سمة مميزة لأعماله. يمكننا إذاً أن نؤكد بأن عمل حنين النحتي يحمل البصمة المزدوجة لأرقى تقاليد الزمن القديم ولحداثة اختصت بها سنوات الأربعينات والخمسينات – وهي السنوات التي بدأ فيها بشق طريقه الفني الخاص. مع ذلك لم يكن لأي واحد من هذين التأثيرين الهائلين أن يقوده إلى إنتاج أعمال متفرعة.
عن انتاجه الفني
خلال سنوات الخمسينات (وكان آنذاك في عشرينات عمره)، أنتج حنين عدة أعمال نحتية تنم من ذي قبل عن مقاربة خفرة وحساسة للموضوع الذي اختاره. فلنذكر منها رأس امرأة "فاطمة" (1953) وأول منحوتة حيوانية (حصان، 1954)، وتمثال نصفي صغير وجذاب لرجل ينفخ بلطف في مزمار غير مرئي "الزمار" (1955)، وشاب يسترخي بكسل، واضعاً يديه خلف رأسه "راحة" (1955)، وأخيراً صورة أم حانية "أم الشهيد" (1957-1958).
هناك العديد من الرسومات الملونة والرسومات على الجبس، العائدة إلى الحقبة ذاتها، وهي تتسم باللطافة البسيطة والكرامة البريئة اللتين يحسن الفنان توظيف صورتهما الإنسانية أحد هذه الأعمال يفاجئنا بعنوانه وبموضوعه على حد سواء: "البشارة" (1954) وهي تمثل غزالة مرسومة على خلفية بيضاء (ومعها في الخلفية شكلان مجردان على صورة المثلث الهندسي تقريباً).
نتاج الستينات
شهدت سنوات الستينات التطور الأكبر في تحقيق الوعود التي كانت بعد غامضة خلال العقد السابق، فشهدت عملية إبداع بضعة من أهم أعمال الفنان.
تشهد على الطريقة الشخصية جدا التي تناول حنين من خلالها مجموعة متنوعة من الأشكال والمواضيع. وينطبق هذا على حالة مجموعة تصميمات نباتية جرى تنفيذها بالحبر في الحرانية عام 1965: إنها رسومات قوية ودقيقة للغاية لنبتات وحبوب يمكنها أن تظهر في بعض الأحيان فظيعة الشكل، لكنها تنضح بطاقة فريدة من نوعها، مما يدل على عزيمة وحشية على العيش. "في تلك الفترة أيضاً
نتاج السبعينات
لقد أستقر آدم حنين وزوجته في باريس في نهاية عام 1971. وكان لهذا الانتقال نتائج جديرة بالأعتبار. فقد أصيب حنين بالذهول، بل حتى شعر بأنه مرهق تقريباً، بسبب غزارة ونوعية الأعمال التي اكتشفها في العديد من متاحف المدينة، وبالرغم من حذره حيال الاتجاهات والنزعات الفنية، فإنه لم يكن قادراً على التفلت من سطوة وجاذبية حضارة بكاملها.
منحوتات سنوات السبعينات
شهدت سنوات السبعينات نفسها ظهور عدة منحوتات حيوانية (مثل كلب وثلاثة قطط) جرى تناولها بأسلوب بات مألوفا، وظهرت عدة منحوتات أخرى ينم تناولها عن اهتمام أكبر العملين الأخيرين، نلحظ أنه أبتكر تظليلات رقيقة أو انتفاخات للسطح للتدليل على المنقار أو الجناح، ناقلاً بهذه الطريقة وبرهافة عالية، صورة الحيوان كما تتبدى في ميدان التجريد.
إن حصول تبدلات على مستوى التقنية المستخدمة قاد حنين إلى إنتاج عدد لا يستهان به من المنحوتات الأكثر خطية، بل حتى إلى إنتاج أطياف ثنائية البعد بالخالص، وذلك في صلة وثيقة مع الرسومات الملونة في المرحلة ذاتها.
منحوتات سنوات الثمانينات
عرفت هذه السنوات أيضاً إبداع ثلاثة "أقراص شمسية" رائعة (ما بين 1980 و 1983)، و"قرص قمري" واحد ووحيد (عام 1986)، وحوالي دزينة من الأعمال الأخرى المنجزة بالبرونز أو الحجر الرملي وهي ذات أحجام ممتلئة من بينها رأس مصنوع من البرونز.
رسومات ملونة مبرزة
تقدم المنحوتات الأخرى مروحة استثنائية من المواضيع، من بينها "نقطة على المحيط" (1980)، "العربة" (1980)، "الديك" (1983)، "كباية وملعقة" (1983 121)، ومنحوتة صممت من أجل عمل تذكاري وهي "لحظة النشوة" (1985)، "صينية القهوة" (1986)، "مركب شراعي" (1986)
السنوات القريبة العهد، أسوان والسفينة
ثمة منحوتات أخرى ذات أحجام صغيرة ظهرت في مطلع سنوات التسعينات: "البوابة" ، "هي من تراقب أحوال الليل"، "الهوى" و "لقاء" تعود كلها إلى عام 1990)، تمثل المنحوتة الأخيرة امرأة وحصاناً واقفين وجهاً لوجه