في هاته اللحظة من الماضي يحاول هذا الكائن الذي بداخلي الإنفلات من عماءه حيث ظل لسنين يعتقد أن كل الأشياء والمعاني انكشفت لسلطانه. سأحاول لأول مرة تحسس انطباعاتي الخام عن الاشياء.. وكأنني كائن بدائي في أول عهده بالاشياء‼ هي عودة أركيولوجية إلى الذات بغية القبض على بعض الماضي الذي لا ينفك يمضي، لاكتشاف شيء يمكن أن يشرح لي هذا الشيء: الذي كلما هممت بملأ هوة غيابه خلف داخلي ثقبا سديميا أسودا بحضوره الدائم‼ هو سؤال وجودي يطرحه الكائن حول ما يريد أن يكون، فلا هو كان ولا هو يكون، لا هو تخلص من "الهنا" ولا هو أدرك "الهناك"! ليصير وجوده وجودا في اللاهنا واللامكان..‼ إنه العدم والعماء، حيث كل شيء لا يطابق إلا ذاته: ولكن أشيائكِ أدركها ليس في ذاتها ولكن فيما تحيل عليه في هلامية عواطفي تجاهها‼ وكأنكِ امراة لا تساوي ذاتها بل العالم بأسره هو امتداد لها، السماء تحيل على قداستك والماء يحيل على طهارتك والفرَاش يحيل على نعومتك والورد على رقتك والفجر على شفتيك والصخر على كبريائك والنار على طبيعيتك والليل على حظارتك والنجوم على عينيك والأغصان على يديك والرخام على ساقيك والنسيم عل خصلات شعرك والحمام على أمومتك.. كل شيء فيه شيء منك! خاتم في الإبهام للتعبيرعن قوةَ الإرادة والتحلي بالنفسِ الطويل والتحدي لدرجة التمرد..! على ما أنتِ عليه من قدر من المسؤولية تجاه الكثير من التغيرات الجذرية التي تحدث في حياتك، تضعين هذا الخاتم لتقوية عزيمتك..؟ والخاتم الذي يزين بنصرك تضعينه لإبداء الإبداع والعواطف والمودة! مادام هذا الاصبع مرتبطا بالقلب، فهل هذا يعني أنك تملكين زمام قلبك؟ هل يعكس شعورا بالتفاؤل في الحياة..؟ واللون الأحمر هل هو إشارة تحذر من الخطر؟ أم بقعة من دم تثير الخوف؟ أو قلب النيران لإثارة الرعب والهلع، في صدر كائن يعلم جيدا أنك تعشقين الأحمر، ولا يفهم إلا معنى وحيدا للأحمر كونه أحمر، فلولا الشفاه(الفتنة) والتفاح(الشهوة) والزهور(البهجة) ما كان له معنى ولولاكِ ما كان الأحمر ليسبي عيني ويسرع من نبض قلبي ويدخلني حلبة التباري.. "لابد أنك تستمتعين بهذا التحدي الذي يعترضك.. هل ستتعاطين بموضوعية مع الأحداث رغم صعوبة الأمر نظرا لتشبتك بأفكارك، تفعلين رغم كل شيئ ما يمليه عليك عقلك وفكرك.." إنك امرأة تثير بداخلي الفوضى، تسلبني من منطق النظام ليغدوالعالم، كل العالم، ليس إلا هوسا من الامتدادات، امتدادات الممتع والحلو والجميل.. امتدادات لولاكِ ماكان لها مكان واقعي ومعنى معقول في ذاكرة الروح والجسد والوجود! دفعتني إلى الإيمان ب"دازاين" هيدجر، وحمل مطرقة نيتشه: هل نفكر حيث نوجد أم حيث لا نوجد؟ ليُأكد لي غيابُكِ أمرا وحيدا، أن ما نفكر فيه، إنما نفكر في غيابه وليس حضوره.. إنه المتواري بداخلنا الذي يأسرنا ويشدنا إليه بقوة، فلو كان ما نفكر فيه موجودا ما كان ليمارس علينا سلطة غوايته، عبرالحنين والذكرى التي ما تنفك ترتق الغيابات الداخلية بالموجودات الخارجية.. فلا شيئ يوجد في حالة حضورٍ فعلي وأحادي بهذا العالم وإنما يوجد في تطابقه مع ما لدينا مسبقا، يجعلنا نرى الشجر كريما، والحجر قاسيا والمساء حزينا.. لكن هل يتعلق الأمر باستلاب جديد، جميل وقاس في نفس الوقت..؟ يستمد جماليته من جمال حضوركِ ويستمد قسوته من غيابكِ.. إنكِ "الأنت" و"الْهِي" التي تسكن النظرة كما يسكن الوجودُ اللغة، والتي لا تتوانى عن محاولات الحضور والغياب في الأشياء، تاركة "الأنا" بين فكي وجود شوفيني المنطق: وجود داخلي، منفعل متوارٍ، لا أكف عن قمع رغبته العاتية، العنيفة، المدمرة.. وأنا أعلم بأن الرغبة تؤجل ولا تحد، وغياب خارجي، فاعل وجلي.. لا يسعني احتوائه إلا من خلال: "إليكِ حيث ما أنتِ.." فلا سبيل لدي لتجاوز حالة الفوضى التي تثيرينها في حواسي إلا ملأ الغياب، بحضورك الفعلي، ولا سلطة غير سلطة التمسك بغيابكِ يمكنها أن تجعلكِ في حضور دائم.. أينما أنتِ في المكان والزمان والفضاء.. تكونين بداخلي‼ ولو بصورة تطابقكِ نسبيا! لأن ما بداخلي ليس إلاتصورات عنك.. سأظل أبحث عنكِ –لطمس الغياب بداخلي- وقد سئمتُ كل النسخ التي تشبهكِ، كل التوهمات اللحظية انهارت بفعل ظهورك، فبداخلي نموذج لامرأة -تخصني وحدي- يتأسس على الغياب في الحاضرلكنه دائم الحضورلأنه الوجه الاخر لما يسمى انتظارا، والإنتظار حالة يومية ترافقني كما أنتِ، أنتِ الأنثى الممتدة بين عبثية الطفلة وعدمية المرأة‼ تربط بين منتهى الرغبة ومنتهى المنع، امرأة تضع خاتما في ابهامها لتثير الإنتباه إلى شعورها العالي بالذات وثقة زائدة في النفس وقوة الإرادة، وتضع اخر في بنصرها للتعبير عن جديتها ودفئها وصبرها وشخصيتها المتميزة. وترتدي الأحمرلتقول بقوة من غير كلام: "قف! إنتبه إنني موجودة.. إنني النموذج الذي بداخلك محققا في ذاته لا في الأشياء، إنني العالم الذي تحلم به أيها الرجل..!"
لخميس 2أبريل2009-04- 02 00h37/
إليك حيثماأنتِ حيثما يوجد الاحمر ..من حيثماأنا