العمارة : الطرُز الإسلامية
إن من أهم صفات العمارة الجيدة ، التصميم الذي يشتمل على القيم الوظيفية والجمالية معا ، ومهما يكن المهندس المعماري مراعياً للقواعد الفنية ، ومهما يكن التنفيذ دقيقاً ، فإن جمال العمارة وكمالها يعتمد في كثير من جوانبه على شخصية الفنان والمثالية التي يريد أن يحققها .
وللعمارة الإسلامية شخصيتها وطابعها المميز الذي تتبينه العين مباشرة ، سواء أكان ذلك نتيجة للتصميم الإجمالي أم العناصر المعمارية المميزة أم الزخارف المستعملة .
وقد نبغ المهندس العربي في أعمال الهندسة المعمارية ، حيث وضع الرسوم والتفصيلات الدقيقة اللازمة للتنفيذ ، كما وضع الأرانيك والنماذج المجسمة ، إلى جانب المقايسات الابتدائية ، ولا شك أن كل هذا يحتاج منه إلى التعمق في علوم الهندسة والرياضة والميكانيكا ، وقد وضعت مؤلفات كثيرة في هذه العلوم ، كما سجل لنا التاريخ أسماء الكثيرين من نوابغ المهندسين العرب الذين وضعوا تصميمات المباني العربية العظيمة
وهناك أنواع كثيرة من المباني الإسلامية ـ سنحاول أن نتعرف فيما يلي على أهمها :
المساجد :أصبح للمساجد الإسلامية نظام لا تخرج عنه ، مستمد في أساسه من المسجد الأول الذي أقامه النبي ( ص ) في المدينة ، ولمعظم المساجد جزء أوسط يسمى صحناً ، وهو سماوي في الغالب وتحيط به أروقة بها بوائك أكبرها رواق القبلة وفيه المحراب وعلى يمينه المنبر . ويحمل السقف عقود تقوم على أعمدة من الرخام أو الحجر ، أو على أكتاف من البناء . وقد استعملت المساجد كمراكز للتعلم منذ العصر الإسلامي الأول .
ومنذ القرن الحادي عشر الميلادي أنشئت مدارس لتدريس علوم الدين على مذهب واحد أو على المذاهب الأربعة ، وكانت هذه المدارس مساجد في الوقت نفسه ، كما كان يلحق بالمبنى أماكن لسكني الطلبة والمدرسين . وكان تصميم المدرسة عبارة عن صحن سماوي تحيط به إيوانات بقدر عدد المذاهب التي تدرس ، وكانت مداخل المساكن تقع في أركان الصحن يصعد منها الطلاب إلى مساكنهم في الأدوار العلوية وفي بعض الأحيان كانت هذه المدارس تضم أضرحة منشئيها . وقد كثر إنشاء المساجد التي على نظام المدارس منذ القرن الثالث عشر في أغلب الأقطار الإسلامية .
الأضرحة :وتسمى أيضا قبة أو تربة ، وهو البناء الذي يقام على رفات ولى أو حاكم ، ويوضع فوق القبر تركيبة من الخشب المنقوش أو من الرخام أو الحجر ، وأغلب ما كانت تبنى الأضرحة على شكل قبة أو أبراج أسطوانية ذات سقف مخروطي ، حسب البلاد التي تقام فيها ، وكثيراً ما ألحقت الأضرحة بالمساجد التي أقامها منشئ الضريح .
الأربطة :نوع من الثكنات العسكرية التي يقيم فيها المجاهدون الذين يحمون حدود بلادهم بحد السيف . وقد انتشرت هذه الأربطة في جهات مختلفة وبخاصة في شمال أفريقيا . ويغلب أن يكون التخطيط على شكل المستطيل ، حوائطه القوية الخارجية مزوجة بأبراج ، وفي الداخل فناء تحيط به حجرات صغيرة للسكنى ، كما نجد به مسجداً ، أما التحصينات العسكرية فنجدها بكثرة في مختلف الأقطار ، سواء أكانت هذه التحصينات قلاعاً أم أسواراً للمدن أو القصور ، مزودة بأبراج ومزاغل ، ونجد أمثلة لهذه التحصينات في مصر والشام والمغرب .
الخوانك والتكايا :والخانكاه هو البيت الذي يأوي إليه الصوفية للعبادة والنسك ، أما التكايا فقد انتشرت في العهد العثماني لإيواء الدراويش المنقطعين للعبادة .
الأسبلة :وهي الأماكن التي يرتوي منها المارة عند العطش . وتقام مستقلة أو ملحقة بالمساجد أو الكتاتيب التي يتعلم فيها الصبية القراءة و الكتابة والحساب والقرآن الكريم .
الخانات :وتسمى الوكالات ، وهي مخصصة لإقامة المسافرين وقوافل التجار ، وكانت ذات مداخل ضخمة وصحن تربط فيه الدواب ، وحواصل مفتوحة على الصحن لإيداع البضائع ، والأدوار العليا للسكن ، وتفتح الحوانيت على الشارع .
الأسواق أو القياسر :
وكانت ذات أهمية بالغة ، وتركز في أماكن معينة في المدينة ، وتمتاز بقبواتها العظيمة وعقودها الضخمة .
الحمامات :كانت تنتشر في جميع المدن ، ويقسم الحمام إلى ثلاثة أقسام حسب درجة حرارة المياه . وكانت تسخن المياه بطريقة إيقاد النار تحت أرض البناء ، كما كانت المياه تجري في أنابيب في الجدران . وكانت حوائط الحمامات في الداخل تزين بالصور بقصد الترفيه عن المستحمين . وإدخال الراحة والسرور على نفوسهم .
المساكن الخاصة :إن أغلب القصور والمنازل الإسلامية القديمة اندثرت تماماً ولم يبق إلا ما رواه المؤرخون وصور وحدائق ، وكانت القصور في الشام والعراق والأندلس عظيمة الاتساع ذات إيوانات وأعمدة وعقود ، وزخارف جصية وصور جدارية ونوافير .
أما المنازل فلم يبق منها إلا نماذج قليلة . والمنزل من الخارج يكاد يكون خالياً من الفتحات إلا بعض النوافذ العالية لإدخال النور والهواء .
ويتوسط المنزل صحن أو حوش سماوي يطل عيه ( تختبوش ) أو مقعد يجلس فيه صاحب المنزل في الصيف ، وفي الدور الأرضي نجد غرف المخازن والاصطبلات ، وفي الدور العلوي غرف النوم وقاعات الاستقبال ، وكلها تطل بنوافذ على الحوش ، وبعضها له خارجات من الخسب الخرط تسمى مشربيات .
وأهم أجزاء الدار ( القاعة ) الكبرى في الطابق العلوي وهي غرفة مستطيلة تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، أوسطها مربع وأرضيته منخفضة عن أرضية الجزأين الآخرين ، وسقفه أعلى من سقفها ، ويسمى الجزء الأوسط ( درقاعة ) ويعرف الجزءان الآخران بالإيوانين ، أو بالديوان ، ويغـــطى سقــف الدرقــاعة بشخشيخة محلاة ( بالقماري ) أي المنافذ الجصية المزينة بعناصر نباتية أو خطية وتغطى بالزجاج الملون . وتكسى أرضية الدرقاعة بالفسيفساء ، وأحياناً يكون في وسطها فسقية . وفي القاعة خزانات خشبية مثبتة في الجدران . والسقف خشبي ومزخرف بالنقوش الملونة.