وردت هذه المعلومات عن أصل الشعر النبطي في كتاب » تراث البادية « الذي شارك في وضعه د. بدر الخصوصي و د. محمد الحداد و د. فاطمة الخليفة و د. حصة الرافعي ود. عبد الرسول الموسى، وتقول د. فاطمة الخليفة في بحثها » التفكير اللغوي في الشعر البدوي الوارد بهذا الكتاب : اللغة النبطية أصلها ارامية وهي قريبة من اللغة العربية الأم المسماة بالفصحى لأنهما من اللغات السامية وهذا الشعر النبطي كان موجوداً في الشام، في حوران وفي المغرب الأصمعيات، وربما جاء ع بني هلال من الشام إلى المغرب ولثقلهم السياسي والاجتماعي أشاعوا قالب هذا الشعر الذي يغنى، وهذه اللغة خالفت نوعين من اللغات لغة القرآن الكريم ولغة الشعر العربي النقي ( أو الفصحى ) . ورغم كل ذلك فهذا الشعر لا يختلف في الوزن والقافية ولكنه يخلط بين لغة القرآن الكريم ولغات القبائل، وبالتالي هو مستنبط من مجموعة اصول، ومن هنا يمكن أن نطلق عليه ( نبطي) ومن الثابت أن هذا الشعر العربي قد ذكره ابن خلدون في مقدمته، حيث قال : أن هذا الشعر لا يختلف عن غيره من ناحية البالغة والإبداع وقد سماه الشعر البدوي ، وفي رأي الباحثة أن هذه التسمية هي الأقرب إلى الواقع وبخاصة ان هناك خلطاً بين الناس ما النبطي وما الشعبي .. الخ. فتسمية شعبي تشمل جميع أنواع الشعر العامي، وتسمية بدوي يُقصد بها شعر البادية والذي يحتوي على خصائص البادية . ويذكر بعض الباحثين أن الأساس الفني هو جوهر الشعر الذي يترفع باللغة سواء كانت عامية أو فصيحة . وتضيف د. فاطمة : » أن هذا الشعر كان موجوداً قبل اختيار القرآن الكريم للغة الفصحى، وأنه لا وجود لشيء اسمه لغة فصحى وإنما كانت هناك لهجات لقبائل كثيرة .. وقد كان الشعر قديماً ينقى من الشوائب أو للحن، أي أنه يستبعد شعر هؤلاء الناس الذين يعيشون على أطراف الصحراء لأنهم اختلطوا بغيرهم من القبائل سواء كانت النبطية في حوران أم غيرها، وبالتالي فإن العشر العربي المسمى بالفصيح ظل لمدة قرنين من الزمان يجاهد لإبعاد الشعر العامي ، وذلك لحفظ الشعر المسمى بالنقي الذي لم يختلط مع غيره إلى أن جاء القرآن الكريم ونزل بلغة قريش والقبائل المحيطة بها ، فكأنه نزل بلسان هذه القبائل النقية غير المختلطة حتى يضع لنا مقياساً فنياً للغة العربية الفصحى . أما تسمية نبطي فإنها جاءت متأخرة عن الفصحى ، وهي خليط مستنبط من لهجات مختلفة لقبائل تقطع الصحراء وتختلط بغيرها، وكلها قريبة جداً من الفصحى في شكل تنظيم القصيدة وكلماتها وصورها الإبداعية المتعددة . وإذا عرفنا من تاريخ نشأة اللغة العربية أنها من العامية وأن الأنباط الذين اختلطوا بالعرب يتكلمون الأرامية التي هي قريبة من اللغة العربية الفصحى فإننا بذلك نحصل على دليل قاطع بأن لغة الشعر البدوي هي لغة عربية قريبة من الفصحى، ولكنها مختلفة أكثر عن اللهجات الداخلية في جزيرة العرب لأن هؤلاء البدو يجوبون الصحاري ويختلطون فيؤثرون ويتأثرون لغوياً وفي كل المظاهر السلوكية الأخرى ويمكن تفسير خارطة زمنية للشعر العربي البدوي فهو حين يختلط بالمدينة يجد أموراً تجعله يبعد عن الفصحى إلى أن يتثقف أهل المدينة بالفصحى فيعودون للنظم باللغة الأم